تولت حكومة جديدة في الولايات المتحدة السلطة، في شهر يناير الماضي، وعلى الرغم من المطالب الدؤوبة والمتنامية بإنهاء الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي المفروض على كوبا، فإن هذه السياسة التي تعتبر إبادة جماعية لم تتغير.
ولا تزال هناك أكثر من 200 إجراء تم تبنيه في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، مما أدى إلى تكثيف الحصار الاقتصادي في عام 2020، حتى عندما كانت الدولة الكاريبية مثل بقية العالم تخوض معركة ضارية ضد فيروس كورونا المستجد.
والمن الغذائي هو أحد القطاعات الأكثر تضررا، كما نددت كوبا، في عدد كبير من المحافل الدولية، وعلى الرغم من أننا ندرك أن هناك عوامل أخرى تؤثر مثل المحن المناخية، والأزمة الاقتصادية التي تؤثر على العالم اليوم بسبب جائحة كوفيد-19 وبعض أوجه القصور، إلا أن الحصار الإجرامي هو بلا شك أحد العقبات الرئيسية التي واجهتها البلاد منذ ما يقرب من ستة عقود، وخاصة في السنوات الأربع الماضية.
وفي تقرير حديث، أشار برنامج الغذاء العالمي إلى أن الحصار الأمريكي الأحادي الجانب مسؤول عن التأثير على الأمن الغذائي للشعب الكوبي، حيث وان الأرقام لا تترك مجالا للشك في الأضرار التي سببتها الحرب الاقتصادية الأمريكية لقطاع الأغذية الزراعية: أكثر من 428 مليون دولار فقط في الفترة من أبريل 2019 إلى مارس من العام الماضي.
إنها حقيقة لا يمكن إنكارها أن الحصار يشكل عقبة أمام ضمان الأمن الغذائي للكوبيين، وهو حق أقره الدستور الجديد ويتجسد من خلال الخطة الوطنية للسيادة الغذائية والتثقيف التغذوي، التي تمت الموافقة عليها في يوليو 2020.
فلا تستطيع الشركات الكوبية طرح منتجاتها في السوق الأمريكية، وكذا الدخل المفقود لهذا السبب كان من شأنه أن يسهّل إعادة الاستثمار وإنشاء بنية تحتية متينة في قطاع الأغذية.
وسيكون الوصول إلى السوق الأمريكية مفيدًا جدًا نظرًا لأسعاره وقربه، بالإضافة إلى حقيقة أن الصناعات في الدولة المجاورة قادرة على إمداد الكيانات الكوبية بالعديد من المواد الخام والمعدات.
كما لا يمكن لكوبا الوصول إلى نظام الائتمان الدولي إما بسبب ما يسمى بـ "مخاطر البلد"، وهو شرط مطبق على هافانا حيث كان للحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة تأثير قوي ويعوق إمكانيات الاتفاقات التجارية في ذلك القطاع.
وأصبح الوضع أكثر تعقيدًا لأن كوبا لا يمكنها سداد مدفوعات بالدولار الأمريكي لأطراف ثالثة، مما يجعل الوصول العادي إلى الأسواق الدولية أكثر تكلفة وصعوبة بالنسبة له للحصول على الغذاء والضروريات الأساسية.
علاوة على ذلك، تسببت الصعوبات في إمداد كوبا بالوقود، نتيجة الاضطهاد الذي مارسته واشنطن في الفترة من أبريل 2019 إلى مارس من العام الماضي، في انقطاع دورات الإنتاج لمختلف الكيانات في قطاع الأغذية الزراعية.
وينتهك الحصار أبسط حقوق الإنسان للكوبيين، بما في ذلك الأمن الغذائي، وبالتالي فقد اعترفت به المنظمات الدولية وحكومات الدول الأخرى والشخصيات السياسية، التي وصفته بأنه إبادة جماعية.