تحل ذكرى النكبة الفلسطينية التي توافق الـ15 من مايو/أيار من كل عام، وهو اليوم الذي أعلن فيه الصهيوني ديفيد بن جورين قيام الكيان الصهيوني، ليبدأ فصلًا جديدًا من حلقات الصراع العربي الصهيوني، في خضم أحداث جديدة وتطورات بالغة الخطورة.
فيما أحيا نشطاء فلسطينيون ومتضامنون عرب وأجانب، على منصات التواصل الاجتماعي، الذكرى السنوية الـ 69 للنكبة، في خطوة استباقية للذكرى بهدف التأكيد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجّروا منها قبل 69 عاما.
شكلت النكبة الفلسطينية عملية تحوّل مأساوي في خط سير حياة الشعب الفلسطيني بعد سلب أرضه ومقدراته وممتلكاته وثرواته، وما تعرّض له من عمليات قتل ممنهج وتهجير على أيدي العصابات الصهيونية عام 1948.
وعلى الرغم من أن السياسيين اختاروا يوم 15 مايو/أيار عام 1948 لتأريخ بداية النكبة الفلسطينية؛ إلا أن المأساة الإنسانية بدأت قبل ذلك عندما هاجمت عصابات صهيونية إرهابية قرىً وبلدات فلسطينية بهدف إبادتها أو دب الذعر في سكان المناطق المجاورة بهدف تسهيل تهجير سكانها لاحقًا.
أن ذكرى النكبة ترمز إلى التهجير القسري الجماعي في 15 مايو/أيار من العام 1948، لأكثر من 750 ألف فلسطيني من بيوتهم وأراضيهم في فلسطين، وتمثلت في نجاح الحركة الصهيونية- بدعم من بريطانيا- في السيطرة بقوة السلاح على القسم الأكبر من فلسطين، وإعلان دولة "إسرائيل".
واحتل اليهود 78 بالمائة من أراضي فلسطين، أي كل فلسطين باستثناء الضفة الغربية وغزة. وفي كل عام بهذا التاريخ تُحيي المنظمات الفلسطينية والجمعيات هذه الذكرى، بفعاليات ونشاطات تُذكّر الأجيال بالتهجير؛ كي لا تُنسى القضية الفلسطينية.
وبعد سنوات من البُعد، ولوعة الاشتياق، ومهما فعل اليهود في أراضي فلسطين؛ من اقتلاع لشجر الليمون والزيتون، فإنهم ليس بإمكانهم أن يقلعوا جذور حب وطن خُلق تحت ظل هذا الشجر.
يستحق الشعب الفلسطيني لقب "أكبر شعب لاجئ" في العالم، فهو لم يهجّر فقط من بلاده إلى بلد أكثر أمنا يعيش فيه بسلام، ولكنه هُجّر حتى من مكان لجوئه، حتى تحول اللجوء إلى خبزه اليومي.
بداية المرارة التي يتجرعها الفلسطينيون منذ 69 عاما كانت مع نكبة عام 1948، ويستذكر الشعب الفلسطيني ما تعرض له من إرهاب دولة منظم مارسه الاحتلال الإسرائيلي، وما ارتكبته عصاباته المسلحة من جرائم حرب بشعة، وما نفذته من عمليات تطهير عرقي بهدف إرهاب المواطنين الفلسطينيين، وإرغامهم على مغادرة أراضيهم، واغتصاب أرضهم وممتلكاتهم بأبشع أشكال الاحتلال العسكري والاستيطاني في التاريخ المعاصر، مما أسفر عن تشريد الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني في أصقاع الأرض، عانوا فيها أشد أنواع العذاب النفسي والجسدي.
وتظهر المعطيات أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين في دولة فلسطين تشكل 43.1 بالمائة من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين نهاية عام 2014، في حين بلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث في الأول من يوليو/تموز 2014 حوالي 5.49 ملايين لاجئ فلسطيني.
كما تظهر المعطيات أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين في دولة فلسطين تشكل 43.1 بالمائة من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين نهاية عام 2014، في حين بلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث في الأول من يوليو/تموز 2014 حوالي 5.49 ملايين لاجئ فلسطيني.
ووفق المعطيات ذاتها يعيش قرابة 29 بالمائة من اللاجئين الفلسطينيين في 58 مخيما في الداخل والشتات، لكنها توضح أن هؤلاء يشكلون الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين لوجود لاجئين غير مسجلين، ولاجئين تم تشريدهم من الفلسطينيين بعد عام 1949 حتى قبيل حرب يونيو/حزيران 1967، وآخرين رحلوا أو تم ترحيلهم عام 1967.
وبينما قدر عدد السكان الفلسطينيين الذين لم يغادروا وقت النكبة عام 1948 بحوالي 154 ألفا، يقدر عددهم اليوم بحوالي 1.5 مليون نسمة. في حين تظهر المعطيات أن قطاع غزة تحوّل إلى أكثر بقاع العالم اكتظاظا بالسكان (4904 أفراد لكل كيلومتر مربع مقابل 500 فرد لكل كيلومتر مربع).
في ملف الأسرى تشير بيانات هيئة شؤون الأسرى والمحررين إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت منذ عام 1967 وحتى منتصف أبريل/نيسان 2015 نحو 850 ألف فلسطيني، في وقت قدر عدد المعتقلين في السجون ومراكز التوقيف الإسرائيلية حاليا بحوالي 6500 أسير.
أما في ملف الشهداء، فقد استشهد 10062 فلسطينيا منذ انتفاضة الأقصى يوم 29 سبتمبر/أيلول 2000 وحتى نهاية 2014، وكان عام 2014 الأكثر دموية حيث سقط 2240 شهيداً بينهم 2181 شهيدا في العدوان الأخير على غزة.
وتأتي ذكرى النكبة هذا العام بالتزامن مع "إضراب الكرامة" الذي يخوضه الأسرى في سجون الاحتلال منذ 17 أبريل/نيسان الماضي، للمطالبة بحقوقهم الضائعة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وفي ظل أزمات متتابعة، وحصار مشدد على قطاع غزة.